فصل: فتنة الغورية مع محمد بن تكش صاحب خوارزم وحصار هراة ثم حصارهم خوارزم وحروب شهاب الدين مع الخطا.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فتنة الغورية مع محمد بن تكش صاحب خوارزم وحصار هراة ثم حصارهم خوارزم وحروب شهاب الدين مع الخطا.

لما هلك غياث الدين ملك أخوه شهاب الدين بعده فطمع محمد بن تكش صاحب خوارزم في ارتجاع هراة وكان قد راسل شهاب الدين في الصلح فلم يتم وسار شهاب الدين عن غزنة إلى لهاوز غازيا فسار حينئذ محمد بن تكش إلى هراة منتصف سنة ستمائة وحاصرها وكان بها ألب غازي ابن أخت شهاب الدين وطال حصارها إلى سلخ شعبان وقتل بين الفريقين خلق منهم رئيس خراسان المقيم يومئذ بمشهد طوس وكان الحسين بن حرميل من أعيان الغورية بجوربان وهو إقطاعة فمكر بصاحب خواززم وأظهر له الموالاة وأشار بأن يبعث إليه فوارس يعطيهم بعض الفيلة وقعد لهم هو والحسين بن محمد المرغني بالمراصد فاستلحموهم ثم مات ألب غازي وضجر صاحب خوارزم من الحصار فارتحل إلى سرخس وحاصرها وبلغت هذه الأخبار شهاب الدين ببلاد الهند فكر راجعا وقصد مدينة خوارزم فأغذ محمد بن تكش السير من سرخس ونزل أثقاله وسبقه إليها وقاتله الخوارزمية قتالا شديدا وفتكوا فيه وهلك من الغورية جماعة منهم الحسين بن محمد المرغني وأسر جماعة من الخوارزمية فأمر شهاب الدين بقتلهم ثم بعث خوارزم شاه إلى الخطا يستنجدهم أن يخالفوا شهاب الدين إلى بلاد الغورية فساروا إليها ولما سمع شهاب الدين كر راجعا إلى البلاد فلقي مقدمة عسكرهم بصحراء أيدخوي في صفر سنة إحدى وستمائة فأوقع بهم وأثخن فيهم وجاءت ساقتهم على أثر ذلك فلم يكن له بهم قبل فانهزم ونهبت أثقاله وقتل الكثير من أصحابه ونجا في الفل إلى أيدخوي وحاصروه حتى أعطاهم بعض الفيلة وخلص وكثر الأرجاف في بلاد الغور بمهلكه ووصل إلى الطالقان في سبعة نفر وقد لحق بها نائبها الحسين بن حرميل ناجيا من الوقعة فاستكثر له من الزاد والعلوفة وكفاه مهمه وكان مستوحشا مع من استوحش من الأمراء بسبب انهزامهم عن شهاب الدين فحمله شهاب الدين إلى غزنة تأنيسا له واستحجبه ولما وقع الأرجاف بموت شهاب الدين جمع مولاه تاج الدين العسكر وجاء إلى قلعة غزنة طامعا في ملكها فمنعه مستحفظها فرجع إلى إقطاعه وأعلن بالفساد وأغرى بالخلخ من الترك فكثر عيثهم وكان له مولى آخر اسمه أيبك فلحق بالهند عند نجاته من المعركة وأرجف بموت السلطان واستولى على الملتان وأساء فيها السيرة فلما وصل خبر شهاب الدين جمع تاج الدين الذر وهو مملوك اشتراه شهاب الدين الناس من سائر النواحي ثم جمع شهاب الدين لغزو الخطا والثأر منهم.

.حروب شهاب الدين مع بني كوكر والتفراهية.

كان بنو كوكر هؤلاء موطنين في الجبال بين لهاوز والملتان معتصبين لمنعتها وكانوا في طاعة شهاب الدين يحملون إليه الخراج فلما وقع الأرجاف بموته انتقضوا وداخلوا صاحب جبل الجودي وغيره من أهل الجبال في ذلك وجاهروا بالعيث والفساد وقطع السابلة ما بين غزنة ولهاوز وغيرها وبعث شهاب الدين إلى محمد بن أبي علي بلهاوز والملتان يأمره بحمل المال بعد أن قتل مملوكه أيبك قال: ومهد البلاد فاعتذر بنوكوكر فبعث شهاب الدين مملوكه أيبك إلى بني كوكر يتهددهم على الطاعة فقال كبيرهم: لو كان شهاب الدين حيا لكان هو المرسل إلينا واستخفوا أمر أيبك فعاد الرسول بذلك فأمر شهاب الدين بتجهيز العساكر في قرى سابور ثم عاد إلى غزنة في شعبان سنة إحدى وستمائة ونادى بالمسير إلى الخطا ورجع بنو كوكر إلى حالهم من إخافة السابلة ودخل معهم كثير من الهنود في ذلك وخشي على انتقاض البلاد فأثنى عزمه عن الخطا وسار إلى غزنة وزحف إلى جبال بني كوكر في ربيع الأول سنة اثنتين وستمائة ولما انتهى إلى قرى سابور أغذ السير وكبس بني كوكر في محالهم وقد نزلوا من الجبال إلى البسيط يرومون اللقاء فقاتلوه يوما إلى الليل وإذا بقطب الدين أيبك في عساكره منادين بشعار الإسلام فحملوا عليهم وانهزموا وقتلوا بكل مكان واستنجوا بأجمة فأضرمت عليهم نارا وغنم المسلمون أهاليهم وأموالهم حتى بيع المماليك خمسة بدينار وقتل كبير بني كوكر الذي كان مملكا عليهم وقصد دانيال صاحب الجند الجودي وسار إليها فأقام بها منتصف رجب وهو يستنفر الناس ثم عاد نحو غزنة وأرسل بهاء الدين سام صاحب باميان بالنفير إلى سمرقند وأن يتخذ الجسر لعبور العساكر وكان أيضا ممن دعاه هذا الأرجاف إلى الانتقاض التتراهية وهم قوم من أهل الهند بنواحي قرى سابور دينهم المجوسية ويقتلون بناتهم بعد النداء عليهن للتزويج فإذا لم يتزوجها أحد قتلوها وتزوج المرأة عندهم بعدة أزواج وكانوا يفسدون في نواحي قرى سابور ويكثرون الغارة عليها وأسلم طائفة منهم آخر أيام شهاب الدين الغوري ثم انتقضوا عند هذا الأرجاف وخرجوا إلى حدود سوران ومكران وشنوا الغارة على المسلمين فسار إليهم الخلخي نائب تاج الدين الذي بتلك الجهة فأوقع بهم وأثخن فيهم وبعث برؤوس الأعيان منهم فعلقت ببلاد الإسلام وصلح أمر البلاد.